السبت، 21 نوفمبر 2015

ولاية الفقيه


محمودسعد يكتب: ولاية الفقيه


كان الشاه يقول إنه ظل الله! وإن الملكية والسلطنة موهبة (نعمة) إلهية تجري في أبنائه الذكور جيلاً بعد جيل وابنه هو ولي العهد ومنصبه «ولاية العهد». ولكن الملا زايد على الشاه قائلاً إن الولاية والملكية المطلقة تخصان له وإنه ولي الله وخليفة الرسول ونائب إمام العصر. وإذا سألتموه: لأجل أي شيء يكون خليفة للرسول أو نائبًا للإمام؟ يجيب كما أكد خميني في شباط (فبراير) عام 1985، قائلاً: «نريد الخليفة ليقطع الأيدي ويجلد ويرجم». وسبق ذلك أن قال خميني في فصل «ولاية الفقيه والحكومة الإسلامية» من محاضراته: «إن ولاية الفقيه تماثل تعيين الوصي والقّيم للأطفال. لا فرق بين وصي الشعب ووصي القاصرين من ناحية الواجب والمكانة».

حتى بعد انتصار الثورة المناهضة للملكية قال في حديث أدلى به في حزيران (يونيو) عام 1979: «كل من طالب بإقرار الجمهورية فهو عدونا، لأنه لا يريد الإسلام. وكل من يهتف بالجمهورية الديمقراطية فهو عدونا». أما النوع المجمّل و«الخاضع للإصلاح» لمثل هؤلاء الملالي فمنهم خاتمي الذي لا يتنازل عن مبدأ «ولاية الفقيه» ولو بقيد أنملة، بل وبرغم كل شعاراته ومزاعمه بالالتزام بالحرية والليبرالية فإنه والملالي من أمثاله يعتبرون «الولي الفقيه» «محورًا ومدارًا» ثابتًا لرحى النظام بل و«الإرادة العليا» و«المتصل بالوحي» و«أن أي حديث عن إدخال التعديل في الدستور خيانة للشعب والإصلاحات» التي يتشدقون بها. هكذا وبعد الثورة المناهضة للملكية وتولي عصابة خميني وخامنئي ورفسنجاني وخاتمي السلطة في إيران فجاء دور الملالي ليقوموا وبالقدر الذي يخص حرية وسلطة الشعب بسلب ونهب ثروات البلاد وأموال الشعب ملء أفواههم وبطونهم الحيوانية الشرهة! 
هكذا صار الحكم لجماعة تفكر ان للزعماء الدينيين حقاً الهياً يتيح لها ممارسة السلطة المطلقة والسيطرة على نشاط كافة الهيئات الاجتماعية ولتحكم فيها وليس من حق اية جهة ان يكون لها نشاطها الخاص والمستقل عن ارادة رجال الدين الدائرين في فلك سلطة ولاية  الفقية  التي حددها خميني مرة على هذا النحو : «الولي الفقية يستطيع من جانب واحد الغاء العقود الشرعية التي أبرمها مع الشعب في حالة أن ذلك العقد يتعارض مع مصالح الدولة والاسلام ويستطيع أن يمنع أي امر عبادياً كان أوغير عبادي من شأنه ان يتعارض مع مصالح الاسلام ، والحكومة فرع من ولاية الفقية المطلقة التي تتقدم على جميع الاحكام الفرعية حتى الصلاة والصوم والحج» (نص رسالة خميني الى خامئني في 7كانون الثاني 1988) 
الارهاب وسيلة بقاء ولاية الفقيه 
واذا لم يكن الولي الفقية قد وضع نفسه موضع (الاله) فكيف امكنه (الغاء العبادات) ؟ وعلى هذا فان رموز النظام الحاكم يعترفون انه ليست لديهم وسيلة للبقاء في الحكم سوى (الارهاب) وقد اكتشفوا ذلك مبكراً ومازالوا على نفس النهج بل طوروه اكثر فاكثر خلال 25 عامأ من حكمهم. قال محسن رضائي قائد الحرس في حينه في خطاب أمام المؤتمر الوطني للطلاب في نوفمبر 1985 : اننا نحكم من خلال الارهاب –نص الخطاب نشرته صحيفة كيهان الصادرة بتاريخ 3-11-1985 وتقول احدى فقراته : 
«في كثير من المواقع نحن نعمل هذه الايام من خلال الارهاب، بدلاً من النهج الثوري والثقافة السياسية، لقد نشرنا ارهاباً واسعاً مكننا من الحكم ، واذا ما رفع هذا الارهاب فان المعارضين سيستعيدون حيويتهم ويبدأون في تهديدنا ويجب ان نلتمس الاسباب لرد الفعل هذا وان نقرر الحلول، يجب ان نعرف كيف نبني دولة الاسلام» والسؤال هنا موجه الى رضائي ومن هو اعلى منه رتبة.. وادرى منه فقهاً، هل تبنى دولة الاسلام على الارهاب، وبماذا نسمي الدولة التي تبنى على الارهاب ؟ ونحن نعتقد ان هذا هو السبب الاساس في ان اجهزة (السافاك ) الشاهنشاهية دعمت الحكام الجدد فدعموها ولم يتغير من ملاكاتها شيء ولا من  تخصيصاتها التي زادت ولم تنقص ، الذي تغير فقط هو اسمها فبدلأ من السافاك ، صارت التسمية (سواما ) وانضم اليها ( اللوتية ) و( الشقاوات) من كافة ارجاء ايران حتى ان احد معارفي وهو يقرأ هذا الفصل سألني ما الذي يمنعني من تسمية تلك الجمهورية باسم (جمهورية اللوتية ) ؟
ومن صفحات الارهاب الذي شرعه الولي الفقيه هذه الاسطر التي نشرتها صحيفة كيهان الصادرة 3-2-84 عن خميني حيث يقول : «القتل رحمة.. لأنه تطهير للشخص ان الشخص لا يمكن تطهيره احيانأ الا بالتقطيع والحمى يجب ان نقتل أو نحرق ونسجن ، هؤلاء الذين يوجدون في المعارضة» !! (امام الامة !) يدعو الى التقطيع والقتل والحرق والسجن ..، هذه هي مفرداته ومن الواضح تمامأ انها ليست مفردات اسلامية فالله سبحانه وتعالى يخاطب نبيه الكريم قائلأ : «وما ارسلناك الا رحمة للعالمين»  فهل هذه هي الرحمة ؟
ويضيف خميني : «لوحدث على سبيل المثال ان حكم بالجلد سبعين جلدة على شخصٍ ما، فان جلده ستين جلدة يعد انتقاصأ للعدالة  الالهية »! 
ويقول ايضأ : «هل أغلقنا الصحف المأجورة والمجلات الفاسدة وفتشنا رؤوسهم ؟ هل صادرنا الاحزاب الفاسدة وعاقبنا زعماء ها؟ هل نصبنا المشانق في الساحات الرئيسية؟ هل قتلنا كل فاسق (المقصود هنا المعارضة) ؟ لوفعلنا ذلك لما كانت المتاعب التي نواجهها اليوم» –خميني :16-4-1984صحيفة كيهان .
والسؤال هو هل ان النظام الحاكم في ايران لم يفعل كل ذلك؟
ماهذه الارقام التي تعلنها سجلات الموت شنقأ على الرافعات والاعدام بالرصاص ودفن الاحياء والقتل تحت التعذيب أو (التعزير) كما يسمونه.. اذن؟
  وهل ردعهم عنها قانون أو ضمير؟
 هل ينكرون اعدام الاطفال واغتصاب الفتيات قبل اعدامهن وسجن النساء سنوات طوال واغتصابهن جماعياً أمام أزواجهن واخوانهن وابنائهن وامام بقية السجينات والسجناء؟
 المجموعات السكنية كما يسمونها شاهد موثوق في سجن ايفين وكوهردشت وقزل حصار وبقية السجون التي يعرفونها واقبية (الكوميتات ) وسراديب مقرات الحرس ، والسجون السرية ؟
ويقول السيدرجائي خراساني ، مبعوث ايران الامم المتحدة في كلمة له في كانون الثاني 1985 حول حقوق الانسان في ايران : «نحن لاندعي اننا نراعي مستويات حقوق الانسان لأن ميثاق حقوق الانسان ومحتوياته غير مناسبة لنا لنحكم بها أو نصدر قراراتنا على وفقها ونحن نحث منتقدينا الا ينتقدونا لانتهاكنا ما لا نؤمن به» !!
نعم.. وماذا يطلب الايراني مادام على رأسه الولي الفقية وهوكل شيء وهو الذي يطهره بالقتل، ويعدمه ليرسله الى الجنة مع دعواته بان يذهب الى الجحيم، وسيد رجائي لم يكن كاذباً حين قال لا تنتقدوننا لانتهاكنا مالا نؤمن به لكن الامم المتحدة انتقدتهم وأدانت انتهاكهم لحقوق الانسان 51 مرة.. ولكن هل ردعهم ذلك ؟.. ابداً..فقد قالوها صريحة ..نحن نؤمن بولاية  الفقية .. ولانؤمن بحقوق الانسان وبمعنى ادق ان ولاية الفقية هي ضد حقوق الانسان وهل هناك اوضح من هذا اعترافاً؟ 

تصدير الثورة الاسلامية الى خارج ايران
إن خميني كان يعمل على تصدير الرجعية وإحياء الخلافة العثمانية - ولكن باسمه وكما يروق مزاجه الشرير - ليس فقط كفكرة وغاية وإنما كبرنامج وهدف محدد أدرجه في مختلف فصول الدستور الخاص لنظامه ليضفي له طابعًا قانونيا. فجاء في مقدمة دستور النظام: «نظرًا لمضمون وجوهر الثورة الإسلامية في إيران والتي كانت حركة لانتصار جميع المستضعفين على المستكبرين فإن جمهورية إيران الإسلامية توفر الأرضية وتمهد الطريق لاستمرار هذه الثورة داخل إيران وخارجها خاصة أنها تعمل على توسيع العلاقات الدولية مع الحركات الإسلامية والشعبية الأخرى بهدف تعبيد الطريق إلى تحقيق الأمة العالمية الواحدة وتعزيز مسيرة النضال من أجل إنقاذ الشعوب الفقيرة المضطهدة في العالم كله».
وورد في جانب آخر من مقدمة الدستور بعنوان «الجيش العقائدي»: «إن جيش الجمهورية الإسلامية وقوات حرس الثورة لا يتوليان فقط حماية الحدود وحراستها وإنما يحملان على عاتقهما رسالة أو مسؤولية عقائدية أيضًا وهي الجهاد في سبيل الله والنضال من أجل توسيع سلطة شريعة الله في العالم». وجاء في كتاب «نظرة إلى السياسة الخارجية لجمهورية إيران الإسلامية » من إصدارات وزارة خارجية النظام:
«المسلمون مجموعة واحدة فيجب عليهم أن يعيشوا تحت خيمة حكومة واحدة ويجب أن تدار كل أرضهم بواسطة حكومة واحدة وتكون لهم سياسة خارجية واحدة ليتحقق الدفاع عن كيان الإسلام وحماية مصالح المسلمين».
العراق هو المرشح الأول لتصدير الثورة إليه
لأسباب محددة للغاية اختار خميني العراق أول بلد لتصدير الثورة إليه ولاتخاذه بوابة لدخول العالمين الإسلامي والعربي. ففي يوم 13 نيسان (أبريل) عام 1980 وفي لقاء له مع خميني طلب منه خليفته آنذاك (منتظري) أن يتولى «قيادة ثورة العراق». وقال منتظري لخميني في هذا اللقاء: «في هذه الأيام يراجعنا إخواننا العراقيون باستمرار ويقولون إننا نتوقع من سماحة الإمام خميني أن يتولى قيادة الثورة العراقية أيضًا كما قاد الثورة الإيرانية وكلّلها بالنصر». فإن وجود الشيعة والمراقد المطهرة لأئمة الشيعة عليهم السلام في العراق وحدود العراق الطويلة مع إيران كان قد جعل العراق مرشحًا مطلوبًا لتصدير الثورة إليه، خاصة أن كون خميني وحاشيته قد عاشوا لمدة 12 عامًا في العراق ضاعف من أطماع خميني في العراق وعزمه على الاعتداء على هذا البلد. ولهذا السبب نصب خميني ومنذ البداية الملا «دعائي» سفيرًا له في العراق وجعل مهمته الرئيسة هي تصدير الإرهاب إلى العراق لأن «دعائي» كان مرافقًا لخميني طيلة إقامة الأخير في النجف الأشرف.
إن قراءة في تصريحات خميني وقادة نظامه حول العراق وقائمة تدخلات نظام خميني المستمرة في شؤون العراق الداخلية خلال عامي 1979 و1980 والتي تسببت في اندلاع الحرب الإيرانية العراقية المدمرة تظهر بوضوح أن خميني كان يهدف توسيع سلطته المقيتة إلى العالمين الإسلامي والعربي بإنشاء حكم صنيع له في العراق.
فبعد اندلاع الحرب الإيرانية العراقية نبذ خميني كل المجاملات فبدأ يطلق الشعار الدجال القائل بـ «فتح القدس عن طريق كربلاء» ليكشف بذلك عن حقيقة نواياه الشريرة وأطماعه التوسعية ومن هذا المنطلق زج جميع إمكانيات البلد المادية والإنسانية في خدمة هذه الحرب الخيانية المدمرة .  
ومنذ احتلال بغداد في 9 نيسان 2003 تقوم المخابرات الإيرانية بحملة اغتيالات شملت شرائح مختلفة من الشعب العراقي منهم البعثيين السابقين ومننتسبي الأجهزة الأمنية السابقة والحالية وبعض كبار ضباط الجيش والطيارين وضباط الجنسية والأطباء والكفاءات العلمية كما شملت الحملة أيضا عناصر جيش المهدي وأعضاء هيئة علماء المسلمين وكذلك إطلاق قنابر الهاون بدون توجيه ما يؤدي ذلك إلى سقوطها على الدور السكنية للمواطنين كما تقوم أيضا بزرع العبوات الناسفة على طريق مرور قوات التحالف وتقوم بتفجيرها على المواطنين بعد مرور تلك القوات ولأجل تنفيذ عمليات الاغتيال المذكورة قامت هذه المخابرات بإدخال عناصر الأحزاب والمنظمات الموالية لإيران في دورات خاصة داخل إيران تتمحور مواضيعها حول عملية جمع المعلومات والتفجيرات وعمليات الاغتيالات وأسندت عمليات التخريب والاغتيالات لتلك الأحزاب والمنظمات والتي قامت بدورها بتشكيل مفارز تصفية للقيام بتلك الأعمال حيث قامت بواجبها ولا زالت على أكمل وجه وقد تم تكريم بعض من رؤساء المفارز لتحقيقهم أرقاما كبيرة في عمليات الاغتيالات من قبل رؤساء تلك الأحزاب والمنظمات بسيارات أو ما شابه كمكافئات على قتل العراقيين وأنيطت مسؤولية الاغتيالات أيضا إلى ما يسمى بـ ( لجان العلاقات العامة ) في تلك الأحزاب والمنظمات لهذا الغرض مثل منظمة القصاص العادل في ذي قار ومنظمة ذو الفقار في النجف ورابطة أصحاب الكساء وغيرها وكذلك تقوم الأجهزة الأمنية التي تسيطر عليها تلك الأحزاب والمنظمات في بعض المحافظات بعمليات الاغتيالات أيضًا.
بداية نهاية ولاية الفقيه في ايران
ولکنه اليوم وعلى الرغم من أن أعمال العنف الوحشية التي مارستها القوات القمعية ، منها قوات الحرس وميليشيا الباسيج وقوى الأمن الداخلي والمتنكرون بالزي المدني وقوات الحرس الخاص لمكافحة الشغب، لم يسبق لها مثيل، الا أن الارادة الصلبة للشعب من أجل الحرية وسيادة الشعب انتصرت على الرصاص والغاز المسيّل للدموع والهراوات والعصي».
ان صرخات الشبان الايرانيين اليوم التي عمت أجزاء واسعة من العاصمة طهران من شرقها الى غربها ومن جنوبها الى شمالها والمدن الايرانية الأخرى بما فيها اصفهان وشيراز وتبريز ومشهد وكرمانشاه وكرمان ودزفول أثبت للعالم أن نهاية ديكتاتورية ولاية الفقيه قد بدأت وأن ناقوس نعي النظام بدأ يقرع .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق