لايمکن أبدا عزل و فصل الجريمة الارهابية ضد مجلة شارلي ايبدو الفرنسية عن ظاهرة التطرف الديني التي تقف بالاساس خلفها ثقافة الاستبداد و الذبح و الاقصاء و قمع الحريات و التنکيل و الاستهانة بإنسانية الانسان و بکرامة المرأة و إعتبارها الانساني، والجديد في جريمة باريس هذه، انها إعلان سافر عن أن التطرف الديني قد بدأ يقرع الابواب على الصعيد الدولي خارج معقله الاساسي أي منطقة الشرق الاوسط.
التطرف الديني الذي يسعى لتوظيف العامل الديني من أجل تحقيق أهدافه و غاياته، يسعى
من خلال ذلك ضرب أکثر من هدف برمية واحدة، لکن يبقى الهدف الاکبر وهو التأثير
السلبي على السلام و الاستقرار و الامن في المنطقة و العالم، لأن التطرف الديني
الذي يتبنى خطابا دمويا يعتمد على الاستخدام المفرط للقسوة و العنف من أجل فرض
منطقه، لن يتمکن مطلقا من فرض هکذا خطاب همجي وحشي معادي للإنسانية و الحضارة في
أجواء حرة و ديمقراطية، ولهذا فإن إشاعة الفوضى و الفلتان الامني من أفضل الاجواء
و أکثرها مناسبة له.
"ان الذين يذبحون الصحفيين بحجة الدفاع عن نبي الإسلام، لم يفهموا من الإسلام
شيئا. ليس في خطف الفتيات في نيجريا ولا مذبحة الاطفال في باكستان، ولا في الشنق
اليومي للسجناء ورش الاسيد على النساء في إيران، ولا في قطع رؤوس رعايا البلدان
الغربية ولا في حملة إبادة السنة في العراق ولا في هجمات باريس، ادنى صلة
بالإسلام."، هکذا خاطبت الزعيمة المعارضة مريم رجوي العالم في التجمع الذي
أقيم بباريس تحت شعار(عام 2015 الجميع من أجل التسامح و الديمقراطية لمواجهة
التطرف الديني)، ويبدو واضحا من شعار التجمع بأنه يسعى الى سحب البساط من تحت
أقدام التطرف الديني من الزاوية الاهم و الاکثر حساسية و تأثيرا عليه، ذلك أن
التسامح و الديمقراطية أعدى أعداء التطرف الديني و النذير الذي يحمل نبأ نهايته و
تلاشيه.
ثقافة الاستبداد و الذبح و الرجم و قطع الايادي و الاذان و فقء الاعين و الجلد، هي
ثقافة تمت نشرها بعد أن إستتب الامر لنظام ولاية الفقيه المتطرف في إيران، وان هذا
النظام يدعم و يسند هذه الثقافة بمختلف الطرق و الاساليب لأن مصلحته تکمن في بقاء
و إستمرار هذه الثقافة المعادية للإنسانية و المخالفة لقيمها و مبادئها، وان موقف
النظام الديني المتطرف في إيران المثير للشکوك و الريبة من جريمة شارلي ايبدو يؤکد
بأن المتطرفين يلتقون جميعهم عند محطة معاداة الانسانية و الحرية و الديمقراطية،
وقد أزاحت السيدة رجوي الستار عن حقيقة موقف النظام الايراني هذا عندما أکدت في
کلمتها بالتجمع سارد الذکر" ان قادة نظام الملالي لم يلتزموا الصمت حيال هذه
الجريمة النكراء فحسب، بل لا يخفون فرحتهم ازائها. ان جميعهم من رئيس برلمانهم إلى
المشرف على صلاة الجمعة بطهران يريدون استغلال هذه الجريمة الإرهابية من اجل
الابتزاز والمساومة وباتوا يطالبون فرنسا بتغيير سياستها تجاه القضية السورية من
اجل الحفاظ على أمنها و ان تدعم فرنسا دكتاتورية الأسد.".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق