"إن تغيير النظام الإيراني أمر ضروري وفي متناول اليد، وهناك بديل ديمقراطي وكفء، بجانب ضرورة إدراج قوات الحرس في القائمة السوداء، وطرد الملالي من المجتمع الدولي وتسليم كراسي إيران إلى المقاومة"..هذا ما ذكرته مريم رجوي رئيس منظمة مجاهدين خلق الإيرانية في بداية كلمتها أمام مؤتمرها السنوي للمعارضة في باريس الأسبوع الماضي. وبينما تعلن رجوي هذا المطلب من باريس يرد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف علي نشاط المعارضة الإيرانية على الأراضي الفرنسية متهما إياه بأنه نقطة إبهام في العلاقات الثنائية بين طهران وباريس!.الأمر الحيوي في هذا الحدث أن إيران ذاقت نفس مرارة ما نشعر به من تدخلاتها في شؤوننا الداخلية نحن معشر أهل منطقة الخليج، فمجرد استضافة باريس مؤتمرا للمعارضة الإيرانية أغضب حكومة طهران وحكام قم، فما بالنا بما تفعله إيران بكل تصرفاتها وسلوكياتها نحونا منذ سنوات طوال، فصبرنا نفد وحان الوقت الذي نذيق فيه إيران ما أذاقتنا منه.
ومن هنا أضم صوتي لصوت توصيات مؤتمر "مجاهدين خلق" بتأييد مشروع الجماعات المعارضة الإيرانية لإسقاط النظام في إيران ووضع حد للدور الإيراني في منطقة الشرق الأوسط عموما والخليج خصوصا. ولهذا علينا أن ندعم كافة حركات المعارضة الإيرانية خاصة "مجاهدين خلق" التي كانت من بين الجماعات المعارضة المهمة لحكم الشاه السابق ولكنها انشقت عنهم احتجاحا علي سرقة الخميني للثورة الشعبية وتأسيس نظام ولاية الفقيه.
عملية إسقاط النظام الإيراني ليست صعبة كما يتخيل البعض أو كما يشيع الإيرانيين أنفسهم ويعتبرون أنهم فوق الانهيار، في حين أن تداعيات الوضع الداخلي في إيران تؤكد سهولة انهيار النظام من الداخل بسبب فساده وتفتيت الثروة الإيرانية علي قلة من المتخفين باسم الدين واسم الثورة والدفاع عنها، فمعظم الشعب الإيراني بات يدرك صعوبة الأوضاع المعيشية في ظل تدني الأحوال الاقتصادية.. ولعلنا نتمسك هنا بتوصيات رئيسة "مجاهدين خلق" أمام المؤتمر المشار إليه، ومن أهمها كما ذكرت "الطريق الوحيدة لتخليص إيران من شر الاستبداد، والطريق الوحيدة للسلام والأمن في المنطقة هو (إسقاط نظام ولاية الفقيه) لإقرار الحرية في إيران ولتحقيق السلام والأمن في المنطقة". رجوي لم تتركنا لحظة للتفكير في البديل، فهو موجود ومتاح، لتشير بنفسها الي وجود بديل ديمقراطي ومقاومة منظمة للإطاحة بالنظام الاستبدادي المذهبي غير القابل للإصلاح".
وهنا يأتي دورنا نحن أهل الخليج والعرب الذين ذاقوا الأمرين من التدخلات الإيرانية، إذ المطلوب دعم حركات المعارضة الإيرانية ومساندة مساعيها الرامية نحو إسقاط نظام "ولاية الفقيه"، الذي يدعم المعارضة المأجورة في الخارج في حين يجهض الانتفاضات الشعبية في الداخل ويعتقل زعماءها مما تسبب في استياء شعبي داخل إيران.
الميزة في مؤتمر المعارضة الإيرانية أنه وفر حيثيات التدخل الدولي لوضع نهاية حتمية للنظام الإيراني القمعي، فقد أكد المشاركون بالمؤتمر بالمستندات الموثقة تورط هذا النظام الفاشي في ثلاث حروب استنزاف في الشرق الأوسط، وهذا أمر كفيل باتحاد كافة شعوب وقيادات المنطقة للإجهاز علي هذا النظام والقضاء عليه. ولدينا الكثير من أسباب القوة لضمان نجاح هذا الاتحاد في إسقاط نظام الملالي، فهو ضعيف اقتصاديا حيث عجز في احتواء الانهيار الاقتصادي الداخلي، ثم نأتي علي عجزه عن توفير أبسط مطالب الشعب الإيراني، وهذه النقطة تحديدا تمثل قوة لنا عندما نبدأ بتدشين الاتحاد الذي نتحدث عنه.
ومن بين عمل هذا الاتحاد المرتقب دعم قوة التغيير والبديل الديمقراطي، وتوحيد قوي المعارضة الإيرانية في الداخل والخارج وكذلك القوميات الإيرانية وإنهاء حالة التفرقة بين السنة والشيعة وصولا لبديل قوي يستطيع إزاحة الحكم الإيراني بما يكفل في النهاية أن نعيش في مأمن عن سياسة تصدير التطرف والإرهاب لمنطقتنا وشعوبنا. ومن بين أوراقنا الخليجية و العربية التي يجب تقديمها للأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية، سلوك النظام الإيراني ضد معارضيه وخاصة خلال صيف 1988 عندما أقدم علي إعدام آلاف السجناء السياسيين، وهو النظام الذي يدعي الديمقراطية، ولهذا علينا مساندة مطلب المعارضة الإيرانية بتقديم قادة النظام الإيراني للمحكمة المشار إليها لمحاكمة النظام الدموي الدكتاتوري.
ومن أسباب قوتنا أيضا أن نستغل انعقاد المؤتمر وتوصياته كمستند خليجي –عربي وتقديمه لمنظمة الأمم المتحدة يؤكد أن النظام الإيراني أكبر راعٍ للإرهاب، وبالتالي جاء المؤتمر كفرصة لتذكير العالم بجرائم هذا النظام ضد مواطنيه وضد جيرانه، وتهديده للأمن والاستقرار الإقليمي والعالمي. فممنذ عام 1979 نعيش في حالة عدم استقرار دائم بعد أن تبدلت الظروف في أعقاب الثورة الإسلامية في إيران التي قادها الخميني الذي سعي وأنصاره الي استبدال منطق التعايش ب"صدام" فعمد الي تصدير الثورة التي سماها "إسلامية" والإسلام منها برئ، كما استبدلت إيران الخمينية الدولة بمفهومها الواسع بمفهوم أخر وحصرته في "الثورة" لتخفي وراءه رغبة توسعية جامحة، مما زاد من صعوبة التفاهم بين الجانبين الخليجي والإيراني، فنحن مع الدولة في وقت تحارب فيه إيران من أجل تصدير الثورة، ونحن مع تغليب الأمن والسياسة والدبلوماسية، مقابل سعي إيراني واضح للتدخل في شؤونا الداخلية والعمل علي تأسيس جماعات معارضة علي مبدأ مذهبي وتثوير تلك الجماعات ودعمها ماليا ولوجستيا وعسكريا لتكون شوكة في ظهرانينا مما يصعب علينا التعايش مع جار يتبني استراتيجة الإنقلاب ضدنا في وقت نتمسك فيه نحن بفكرة الشرعية والتعايش السلمي كجيران في آمان واستقرار.
أوراق القوة لدينا ليست قليلة، فما أكثرها، ولن نخرج عن مؤتمر المعارضة الإيرانية في باريس، فكان من بين المشاركين سفير أمريكا السابق لدى الأمم المتحدة، جون بولتون، ليؤكد أن هناك مراجعة مستمرة في سياسات أمريكا حيال إيران، وأن الكونجرس الأمريكي يدرس مشروع قرار ضد النظام الإيراني لدعمه الإرهاب في عموم العالم، وأن العالم بات يدرك أنه ليس هناك فرق بين مرشد الثورة خامنئي والرئيس حسن روحاني ولا ثقة لأمريكا والعالم في هذا الرئيس، فالثورة الإيرانية هي مصدر مشكلة في الشرق الأوسط، والنظام الإيراني يخرق كل يوم تعهداته ووسع نشاطاته مع كوريا الشمالية. ونأتي للقول الفصل في كلمات بولتون :" تصرفات هذا النظام لن تتغير، والطريق الوحيدة هي العمل علي تغييره، نحن سنحتفل بانتصاركم قريبا في طهران".
نحن أمام لحظة فارقة، فإما نستغل روح هذا المؤتمر لحشد العالم معنا ضد إيران وفضح وكشف ألاعيبها ضدنا، وإما تفوت الفرصة علينا ولن يكون أمامنا لاحقا سوي لطم الخدود، فالطريق أًصبح ممهدا للاستقرار بالمنطقة من خلال سرعة دعمنا جماعات المعارضة الإيرانية وأن تري إيران من الخليج العين الحمراء، ليدرك هذا النظام الأعوج أنه بات مكروها من العالم أجمع نظراًلما يمثله من خطر على الاستقرار الدولي.
ولنضم صوتنا مع نصر الحريري، رئيس وفد المعارضة السورية، الذي شارك في مؤتمر باريس، خاصة دعوته لتأسيس جبهة مشتركة مع مجلس المقاومة الإيرانية، بهدف وضع الخطط والرؤى وتنسيق التحركات من أجل الإطاحة بالنظام الإيراني القاتل الذي نشر في سوريا ما لا يقل عن ثمانين ألف مرتزق ومقاتل أتى بهم لقتل الأبرياء، لقتل المدنيين والأطفال والنساء، وضرورة إخراج الحرس الثوري الإيراني والميليشيات المرتبطة به من سوريا والعراق واليمن ولبنان وكل الدول الأخرى التي يعبث فيها هذا النظام، ثم العمل جديا علي طرد إيران من منظمة التعاون الإسلامي.
علينا إذا أن نستغل اللحظة الراهنة ولا نفوتها لنجعل من "الربيع الإيراني" واقعا حقيقيا في إيران ولندعم الشباب والشعب الإيراني وكافة قوي المعارضة الإيرانية ليتمكن الشعب الإيراني من تحقيق حلمه في نيل الحرية وتطبيق الديمقراطية والعيش في سلام ووئام مع الجيران، ولتكون إيران قوة اقتصادية يستفيد منها شعبها الذي يعاني من شظف العيش بدلا من حشد تهديد العالم بأسلحة الدمار الشامل وتهديدنا نحن هنا في الخليج بإغلاق مضيق هرمز أمام الملاحة ولسد منافذ تصدير النفط الخليجي للعالم.
لقد حان الوقت لنعيد شمس الحرية المحتجبة عن إيران، وأن نزيح سلطة ولاية الفقيه والقضاء علي نظام العمائم، ليستمتع الإيرانيون بحريتهم، وأن ينعموا بنظام ديمقراطي يزيل عنهم غمامة وقائع التزوير التي حدثت عام 2009 عندما احتج الشعب علي تزوير إرادته وتعرضوا للضرب والبطش والقتل.. لقد حان الوقت ليتخلص الحكام الإيرانيون الجدد من داء العنصرية و لينعم سكان الأحواز بالحرية وممارسة شعائرهم الدينية في سلم وآمان، وهم السكان الذين يعيشون في أراضيهم كالعبيد وكأنهم مأجورين في أرض محتلة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق